مسافر يعود
د. علاء السيسي

د. علاء السيسي
وعـاوَدَ الحنيـن رُبَّانَ ذي السّـَفِين فَكَرَّ عائِـداً إلى هُنـا
لِذَلِـكَ المكـان ..أُولئِـك الرِّفـاق بِنَظـرَةٍ وَعَبـرَةٍ رَنَـا
يا أيُّـها الرِّفـاق إلَـيَّ يـا رفـاق! مُغَرَّبٌ ، يُعِيشُـهُ العَنـَا
وَعادَ في اشـتياق في مَـوعِدِ التَّـلاَق يَرومُ جُرعَةً مِنَ السَّـنَا!
.....
عامٌ مضي ، وعادتِ السَّفِين
تَرومُ بَعضَ ذلك الـوَقود ....
وَقودُها لا يُجزِئُ السُّـفُن
لكنَّـهُ وَقودُهـا هِـيَ !
سفينةٌ ليست كما السُّفُن !
فَهَل لَها مِن بَعضِ ما تَرُوم؟
*****
.... وذلـك الرُّبَّـان
وذلك الجَوَّابُ في الآفاق
أَمالَهُ مِن صُحبَةٍ هُنَاك ؟
*****
قالوا له : " سفينةٌ وحيدةٌ
يَقـودُها رُبّـَانُها الوَحيد
وليس لِلسَّـفينِ مِن شُطآن!
ما دامَ ذلك الرُّبَّان وَدَّعَ الشُّطآن!
وَسَـاحَ في البَعيدِ .. في البعيد ...
... هُناكَ حيثُ تَستطيعُ أن تري عُيونٌ مِن نحاس !
وَتَعـزِفُ اللُّحونَ ضَارِباتٌ مِن حَديد !
وَيَسمَعُ اللُّحونَ.. لا أَحَد ...!
*****
...وَيَدُقُّ اللحنُ ... َيَدُقُّ اللحنُ... َيَدُقّ!
وَيَموتُ القلبُ ... يَموتُ القلبُ.. يموت!
ويعيش الإنسانُ بِنَبضٍ لا يُشبِهُ نَبضَ الإنسانِ
وَيُريهِ النَّبضُ عَجائِبَ قَد تُغري أمثـالَ الرُّبَّانِ !
يمشي الإنسـانُ على لا أرضَ وينطِقُ من غيرِ لِسانِ !
ويقولُ كلاماً مفهوماً يفهَمُهُ النَّبضُ ؛ فَيُغوِيهِ
ويُشَجِّعُهُ ويُمَتِّعُهُ ويُنَمِّقُـهُ ، ويُقـَوِّيهِ
وَيَقولُ لَهُ : " اعمَل يا إنسانُ.. أيا إنسانُ " ، وَيُعطِيهِ
ويزيدُ النَّبضُ ؛ فَيَعمَلُ ذا الإنسـانُ .. ويبدأُ في التِّيهِ !
ويقولُ النَّبضُ "اعمَل وَاتعَب!" وَيُكافِئُـهُ ، ويُجَازِيـهِ
ويقولُ النَّبضُ "اعمَل تَكسِب!" فَيُسَرُّ الإنسانُ ويَعمَـل!
ويقول النَّبضُ له : "أسـرِع!" فَيَخافُ الإنسانُ ويعمل!
ويُجِدُّ الإنسـانُ ، ويعمـل ويَكِدُّ الإنسانُ ، ويعمل!
ويَكِلُّ الإنسـانُ ، ويعمـل وَيَمَلُّ الإنسانُ...ويعمل !
.... يخشـي الإنسـانُ لَئِن أوقَفَ ذيَّـاكَ النَّبضَ فَقَد يَهلِك !
..ولمـاذا يخشـي أن يَهلِك؟
..لا يا رُبَّانُ...اعمل وَحدَك!
لا تـأت إليـنا يا رُبَّـان!
لن نعبـد ربّاً من صـنعك!
الحبُّ وَرَفرَفَةُ الألحانِ أحبُّ إلينا مِن نَبضِك !
عُـد للآفـاقِ أيـا رُبَّـان !.... "
.............
... وإلامَ أعُـود ... ؟
ما جـاب ذا الرُّبَّانُ في الآفاق
ولا اكتـوي بِلَوعَةِ الفِـراق
..وحُرقـَةِ الحَنـين
إلاَّ لِكَي يُجَدِّدَ الحَيَاة
وَيَفرِدَ الشِّـرَاعَ كَي يَعُود
لمرفأِ الرِّفـاق
هُوَ الَمَعادُ ، لا مَعَادَ غَيرُهُ
وليس لي من مرفإٍ سِـوَاه...!
أحبـابي ....!