رحـلة
د. علاء السيسي

د. علاء السيسي
.... هي رحلة سافرتها وسعدت بها لمدة ساعة ودقائق قليلة انتهت في اليوم الذي بدأت فيه ، وكنت أعلم أنها لن تتكرر ، صاحَبَت فيها قيثارتي صوتاً عذباً ذَكَّرَني بعالمٍ مثالي كنت أتمني أن أعيش فيه.....
نشــــــــيـــــــدٌ تــــــــــردَّدَ في مَســـــــــمَعَـيَّ وأُســـــكِنَ قلبي ، ولن يَســـــأَمَـه
وشــــــــعرٌ حبيـــــــسٌ دفــــــــينٌ رقيــــــــقٌ تأجَّــــــــجَ بِالثَّــــــــورَةِ العــــــــارِمَـــــــــــــة!
شـــــعور جديد حوي سِـــــرَّ نفسي وأيــــــقـظ ذكـرى الهوى الناَّئِمَة
وصـوتٌ جميـــــــلٌ قـــــويٌّ عميــــــــــــــــــقٌ عَذوبٌ سَـقَي نفسـي الهائِمة
*****
تَسَــــــــلَّلَ في غفلةً من تُــــــــــرابي إليــــــــها ؛ فَأَسـكَنَها عَـــــــــــــــــــاَلَمه
... وطـــــارا إلي حيـث لا قيــــــــدَ يُثـقِـــــلُنا بِسَــــــــــــفاهاتِهِ المُســـــــــئِـــمَة !
إلى حيثُ يَقوَي شُــــــــعورُ الحياةِ ويـــوقظ ألبـابَــــــــنا المُســـــــهَمَـة
إلى حيثُ تحـــلو وتسمو الحياةُ وتُفتـَــــــــحُ أبوابُـــــــها المُبـــــــهَمَـة
إلى حيثُ يرقصُ صَدحُ الطيورِ فتنـــشَــــرِحُ الأنــــــفسُ الواجِمَة
إلى حيـثُ يصـــــــفو خرير المياهِ وينســــاب كالهمسةِ النَّاعمة!
*****
وحيثُ البلابلُ ... والزَّهرُ .. والعشـــبُ بالأمنِ ، والمُرتَوَي ناعِمة
وحيثُ البســــــــاطةُ ... والصـــــــــدقُ ... و الحبُّ دســــــــــتورُ مملـــــكةٍ قائِمـة !
مليــــكتُها زهــــــرةٌ ذاتُ تــــــــــــــاجٍ جميــــــــــلٍ لِطيـــــــــرِ الرُّبـــــا حاكِمَة
وحارِسُـــــــها عنـــــدليبٌ شَـــــــجِيٌّ يُغَـــــــــرِّدُ ، في نشــــــــوةٍ عـــــــــارمة !
وإخوانُها ...شــــــــعبُها عامـــــلون مُحِبُّــــــــــون .. ما بَينَهُم مَظـلَمَة !
ولا يعرفـــــــــــون التـواءَ الطـــــــريـــــــــقِ وَلا جَنَّـــــــــةَ الكُلفَةِ المُظــــــــــــــلِمَـة !
يُشَقشِقُ وَاحِدُهُم في الفَضــــاءِ فتَصـنَعُ أصداؤُهُم مَلحَــــــــــــمَة !
هُناكَ ..هُناكَ سَرَينا ، وعِشنا وعِشنا سعيدَين في العاصِمة !
*****
....غريــــــــــــبـان في عالَمٍ من مظــــــــــــاهرَ كذَّابــــــــــــــــةٍ غاشَّـــــــــــــةٍ داهِـــــــــــــمَـة
بِدُنيــــــــــا تُبيــــــــــــــحُ دَنَـــــــايَــــــا المَشَــــــــــاعِرِ ، لكن مشـــــــــاعـــــــــــرَنَا لائِــــــــــــمَـــــــــــة !
هُنـــــــــاكَ عــــــرفنــــــــــــــا حقيــــــــقَتــــــــــــَنَا : أبريــــــــــــــاءُ ارتَــــــــــــدَينـا دُمـيً مُــــــــــوهِمَـــــــــــة
فَمِنَّا الجَهُومُ ، وَمِنَّا البَشُـــــوشُ وَمِنَّا ذَوُو اللَّهجَةِ الحــــــــازِمَة !
هُنـاكَ انطـــــــلقنا ، بِلا كِبرِياءَ وَصَحَّت سَجِيَّتُنَا السَّاقِمَة !
هُنـــــاكَ شَـــــــدَونا ، هُناكَ طَرِبنا هُناكَ رَقَصنا مع الشِّـــــــرذِمَة !
وعِشنا مع العندليبِ الصَّغيرِ دقـائــــقَ جــــــــــــذلانةً باسِــــــــــــمَة
ولحظاتُ صَـــــفوٍ بِهَذي الحياةِ دقـــــــــائقُ في بحـــــــــرِها عائِمـــــــَة!
*****
.. وطُفـنا بمملكةِ الحُســــن و الحُــــــــبِّ ، والنَّـفسُ للحـبِّ مُســـتَســــــــلِمَة !
وفي كل دربٍ مَعَانٍ ، وفِـــــــــكـرٌ يُطَمئِنُ أَنفُسَـنا الواهِـمَـة
طــــــــريقٌ طــــويـــــــــلٌ من الأُمنِيـــــــاتِ مَشَـينَاهُ في غُنـوةٍ حالِمَـة
ومِعراجُ صـــــدقٍ ، مَعَ الأُغنِياتِ صَـــــعِدنَاهُ سُـلَّمةً سُـلّمـة
*****
وإِذ بي أُفيقُ على صـوتِ قصــفِ أَكُـفٍّ تُصَــــــــــــــــفِّقُ في الخَاتِمَـة !
ولكـنَّ في كُـلِّ وجـهٍ عِتـــــــــــاباً وَعَيناً عن السّـِرِّ مُســـــــتفهِمَة !
عَـزَفتُ عَنِ العَزفِ... وَدَّعتُ كُلَّ مَكانٍ وَكُلَّ زَمَانٍ ... لِمَـه ؟
وَجُبـتُ مَعَ الصَّوتِ آفاقَ شَتَّي فكانت نتيـجتُـها المـؤلِمَة :
أنِ افتَـقَدَ النَّـاسُ أنغامَ قيثـــــــــــــــــــــارَتي ... وَبَـدَت فَظَّـةً ، واجِمَـة !
وألفيـتُ نفسي تُغَنِّي : سَـرَيتُ ، وَلَســــتُ على رِحـــــلَتي نَادِمَة !
وناديتُ للصَّــــوتِ ؛ أَســـأَلُهُ العَـونَ في حـلِّ مُشــــــــــــكِلَتِي الجــاثِمَة
فَأَنشَدَنِي بَاسِـماً :"لا عَلَيكَ! وَحســــــــبُكَ في المَرَّةِ القـــــادِمـة!"
...وأطرقتُ أرقُبُ عَبـــــرَةَ عيــــــــــني تُهَمهِمُ :"..يا لَيتَهَا قادمة!"
علاء الدين 1964